|
الصفحة الرئيسية
>
حــديث
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، إذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِيناً وَشِمَالاً. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَىَ مَنْ لاَ زَادَ لَهُ". قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ، حَتّى رَأَيْنَا أَنّهُ لاَ حَقّ لأَحَدٍ مِنّا فِي فَضْلٍ. رواه مسلم .
يحمل هذا الحديث صورة مشرقة حية من صور التكافل والتعاون في الإسلام، فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر من الأسفار فجاء رجل على راحلة له، وكان هذا الرجل يحتاج إلى المساعدة والعون؛ إلا أنه لم يصرح بحاجته بل منعه حياؤه أو عزة نفسه من التصريح بالسؤال فجعل يصرف بصره أي متعرضاً لشيء يدفع به حاجته.
وهنا تتجلى شفقة النبي صلى الله عليه وسلم، كما تتجلى فطنته أيضا، فإنه عندما رأى هذا الرجل ورأى ما فعل فطن إلى ما يريد، فأمر أصحابه بأن يتصدقوا على المحتاجين بما زاد عن حاجاتهم، هكذا عمم ولم يقل تصدقوا على أخيكم أو تصدقوا على هذا الرجل، وذلك مراعاة لشعور الرجل، فأمر أصحابه بالتصدق بما زاد عن حاجتهم سواء أكان ذلك زادا يؤكل، أم كان دابة تركب ، أو ثوبا يلبس ، أو غطاء يتدثر به ، أو آنية تستعمل ... وذكر أصنافا كثيرة من الأموال والأمتعة حتى ظن أصحابه ـ رضوان الله عليهم ـ أنه لا حق لأحد منهم فى الاحتفاظ بشيء يزيد على حاجته ، والإمساك به .
ففي هذا الحديث الكثير من الدروس والعبر، فيه كما يقول النووي في شرح مسلم: في هذا الحديث الحث على الصدقة والجود والمواساة والإحسان إلى الرفقة والأصحاب والاعتناء بمصالح الأصحاب، وأمر كبير القوم أصحابه بمواساة المحتاج، وأنه يكتفى في حاجة المحتاج بتعرضه للعطاء وتعريضه من غير سؤال، وهذا معنى قوله: فجعل يصرف بصره أي متعرضاً لشيء يدفع به حاجته، وفيه مواساة ابن السبيل والصدقة عليه إذا كان محتاجاً وإن كان له راحلة وعليه ثياب أو كان موسراً في وطنه، ولهذا يعطى من الزكاة في هذه الحال، والله أعلم.
المزيد |